كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فى ختام سورة (ق) جاء قوله تعالى: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ}- منذرا بقرب يوم القيامة، ثم في بدء سورة القمر قوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}- مخبرا عن اقتراب الساعة، منبئا عن الأحداث التي تقع في هذا اليوم العظيم..
وبهذا تلاقى ختام (ق) وبدء (القمر) على موضوع واحد، هو وقوع يوم القيامة، واقتراب هذا الوقوع، وأن ختام سورة (ق) يقرر هذه الحقيقة، وبدء سورة (القمر) يؤكدها، ويطلع بالإرهاصات التي تقوم بين يديها.
التفسير:
قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}.
هذا خبر، عام، مرسل من غير توكيد، إشارة إلى أنه حقيقة مقررة، لا تحتمل مكابرة، ولا تقبل جدلا..
وقوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} هو مثل قوله تعالى: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} وقوله سبحانه: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ} (1: الأنبياء).
أما قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}- فهو أمارة من أمارات هذا اليوم، يوم القيامة.. الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات.
وفى عطف انشقاق القمر على اقتراب الساعة- إشارة إلى أن هذا الاقتراب قد أصبح لقربه كأنه واقع فعلا، وأن انشقاق القمر هو أول بوادر الوقوع، وكأن الواو هنا، واو المعية أو المصاحبة.. ومعنى انشقاق القمر ظهوره في ذلك اليوم على حقيقته في أعين الناس.. فالناس يرونه في هذه الدنيا صفحة بيضاء بلورية، أشبه بالمرآة الصقيلة.. ولكنهم يوم القيامة يرونه جرما معتما، شبيها بالأرض، تختلف طبيعة سطحه بين سهول، وأودية، وأغوار، ونجود، وجبال..
هكذا القمر في حقيقته.. كما يقرر ذلك العلم، وكما أثبتته التجربة العملية، حين صعد الإنسان إلى القمر في هذا العام- عام ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين من الهجرة- ومشى عليه كما يمشى على الأرض!! فلم يره إلا جرما معتما كالأرض تماما، طبيعة، وشكلا.
ويمكن أن يقوم هذا الحدث، الذي مكن للإنسان أن يرى رأى العين انشقاق القمر- يمكن أن يقوم هذا شاهدا على أن يوم القيامة قد أظل، وأن أشراط الساعة قد جاءت، وأن الناس قد بدءوا يرون طلائع ما سيرونه يوم القيامة من حقائق الأشياء بعد أن ينكشف الغطاء عن العيون!!
النبي.. وانشقاق القمر.
ولا بد من وقفة هنا عند قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}.
فلقد كاد يجمع المفسرون على أن انشقاق القمر كان في عهد الرسول- صلوات اللّه، وسلامه عليه- وأنه كان آية معجزة، وقعت على يد النبي، وهو في مكة قبل الهجرة.
يقول القاضي عياض في تفسير هذه الآية في كتابه: (الشفا في التعريف بحقوق المصطفى): (أخبر اللّه تعالى بوقوع انشقاق القمر بلفظ الماضي، وإعراض الكفرة عن آياته- أي ما في انشقاقه من آيات- وأجمع المفسرون وأهل السنة على وقوعه).
وروى البخاري عن ابن مسعود- رضى اللّه عنه، قال: «انشقّ القمر على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: اشهدوا».
وروى مسلم عن أنس، قال: «سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر فرقتين حتى رأوا حراء بينهما».
وروى البخاري عن عبد اللّه بن مسعود- من رواية مسروق عنه- قال:
«انشقّ القمر على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبى كبشة، ثم قالوا: انظروا ما يأتيكم به السفّار، فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار، فقالوا ذلك».
وروى ابن جرير عن ابن عباس، في قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} قال: «قد مضى ذلك، كان قبل الهجرة، انشق القمر حتى رأوا شقيه» ويعلق القاضى (عياض) على هذه الأحاديث المروية في انشقاق القمر، فيقول:
(وأكثر طرق هذه الأحاديث صحيحة، والآية مصرحة، ولا يلتفت إلى اعتراض مخذول بأن لو كان هذا لم يخف على أهل الأرض، إذ هو شيء ظاهر لجميعهم).
ويدفع القاضي (عياض) هذا الاعتراض بقوله: لم ينقل إلينا عن أهل الأرض أنهم رصدوه تلك الليلة فلم يروه انشق ولو نقل إلينا- أي عدم انشقاقه- عمن لا يجوز تمالؤهم على الكذب لكثرتهم- لما كانت علينا به حجة، إذا ليس القمر في حد واحد لجميع أهل الأرض، فقد يطلع على قوم قبل أن يطلع على الآخرين، وقد يكون من قوم بضد ما هو من مقابليهم من أقطار الأرض، أو يحول بين قوم وبينه سحاب أو جبال، ولهذا نجد الكسوفات في بعض البلاد دون بعض، وفى بعضها جزئية، وفى بعضها كلية.. ذلك تقدير العزيز العليم.
هذا هو مجمل ما عند المفسرين في آية القمر، قد لخصه القاضي عياض، وأيّده وقال مع القائلين، إن القمر قد انشق في عهد النبي، كمعجزة من معجزاته.!
ونحن إذ نخالف هذا الرأى لا نخالفه، استكثارا على النبي الكريم أن يضع اللّه سبحانه في يده هذه المعجزة، فإن ما بيد الرسول من آيات اللّه وكلماته مالا يبلغ انشقاق القمر شيئا إزاء حرف من كلمة من كلمات اللّه.! كما لا نخالفه ونحن نعتقد بصحة هذه الأحاديث في سندها إلى أن تصل إلى أصحاب رسول اللّه، فإننا من صحابة رسول اللّه في مقام الأعمى بين يدى المبصر.. ولكنا إذ نخالف هذه الأخبار، فإنما نخالفها ونحن في شك من صحة السند.. وإذا شكلنا في السند كان المتن مجرد قول يضاف إلى آخر راو روى عنه.
وإننا نخالف هذا القول بانشقاق القمر في عهد الرسول، لأمور:
فأولا: لم يكن الرسول الكريم معجزة متحدية، قائمة على الزمن، إلا القرآن الكريم الذي تحدّى به العرب، وأفحمهم، وأقام الحجة عليهم.
وثانيا: لو صحّ أن يكون للنبى معجزات أخرى متحدية غير القرآن، لما كان انشقاق القمر واحدة منها، لأن العرب لم يتحدوه بأن يأتيهم بمعجزة معلقة في السماء، وإنما كان من تحدّيهم له ما حكاه القرآن عنهم في قوله تعالى: {وَقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا} (90- 92 الإسراء).
وثالثا: لو كان انشقاق القمر معجزة متحدية، لأنذرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولحدّد لهم الليلة، والساعة، حتى يشهدوا ذلك، ليكون حجة عليهم.. ولكن الذي ترويه الآحاديث لا يشير إلى شيء من هذا، ولا يدل على أن قريشا قد رصدت هذه الظاهرة المتحدية. وإنما الذي يفهم من هذه الأحاديث، أن القمر قد انشق في ليلة ما، وأن النبي وبعض الناس قد رأوه، فقال النبي عندئذ: «اشهدوا!».
ولا يعقل أن يقيم النبي من انشقاق القمر- إن كان قد انشق- شهادة على صدق رسالته، وعلى أن انشقاق القمر كان معجزة شاهدة له، إذا لم يكن قد آذن القوم بوقوع هذا الحدث العظيم قبل أن يقع.. أمّا أن يجىء بعد وقوع الحدث ويقيم منه شاهدا له، فهذا قلب لأوضاع الأمور وقد عصم اللّه رسوله، وجنبه الزلل والعثار..
ورابعا: خسفت الشمس على عهد الرسول الكريم بالمدينة، وصادف ذلك أن كان يوم موت ابنه إبراهيم، فقال الناس خسفت الشمس لموت إبراهيم!! فدعا الرسول الناس إليه، ثم خطبهم فقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه، لا يخسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر اللّه، وإلى الصلاة».
هذا، هو رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه، وذلك هو موقفه من الأحداث التي تقع في الطبيعة.. إنه يصحح المفاهيم الخاطئة التي تقع الناس، من ربط الأحداث التي تقع لهم بالكواكب والنجوم، وأن ما يجرى على الشمس والقمر من خسوف وكسوف، ليس إلا من العوارض التي تعرض لهما في نظام دورثهما في الفلك.
وخامسا: إذا كان النبىّ يريد أن يتحدى قومه بمعجزة مادية، يطلب من اللّه سبحانه وتعالى أن يؤيده بها، فلم يختار انشقاق القمر، وتمزقه قطعا في السماء؟
أليس الأولى من ذلك أن يريهم أثرا محسوسا بين أيديهم، كأن يفجّر لهم عين ماء، أو أن يشير إلى جبل من الجبال المحيطة بهم فيتحول عن مكانه؟
هذا، وليس في الإخبار في القرآن عن انشقاق القمر بلفظ الماضي قرينة على وقوع الفعل، فكما يدل الماضي على حدوث الفعل فعلا، ويخبر عن وقوعه في الماضي كذلك يعبر بالفعل الماضي عن الأمر الذي سيقع مستقبلا، وذلك لغرض بلاغي، وهو الدلالة على أن هذا الفعل محقق الوقوع لا محالة، وأن وقوعه في المستقبل أشبه بوقوعه في الماضي، فإن لم يكن وقع، فكأنه قد وقع، لتحقق وقوعه.
والقرآن الكريم يستخدم هذا الأسلوب كثيرا في الأمور ذات الخطر، التي يقف كثير من الناس إزاءها موفف الشك والارتياب، في إصرار وعناد، فلا يلقاهم القرآن حينئذ، اللقاء الذي ينتظرونه في شأن هذا الأمر الخطير، ولا يجعل لقاءهم معه معلقا بالمستقبل، بل يجذبهم إليه جذبا قويا، فإذا هم في مواجهة هذا الأمر، وجها لوجه، وقد أصبح خبرا بعد أن وقع!..
يقول سبحانه وتعالى في شأن البعث: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} (68: الزمر) ويقول سبحانه عن يوم القيامة:
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ} (69- 70 الزمر)..
وأكثر ما ورد في القرآن عن البعث، والحساب والجزاء، قد جاء في صورة الماضي، الذي وقع فعلا، وعاش في الناس، وعاش الناس فيه.. وذلك لتحقق وقوع هذه الأحداث..
وعلى هذا، فإن الحديث عن انشقاق القمر بالفعل الماضي، لا تقوم منه حجة على وقوع هذا الانشقاق، بل إنه إذا نظر إليه باعتبار أنه من أحداث يوم القيامة، كان التعبير عنه بالماضي دليلا على أنه مراد به الإخبار عن المستقبل الذي لم يقع..
فإذا نظرنا إلى انشقاق القمر، مع قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} ومع ما يقع يوم القيامة من تبدل وتحول في العوالم السفلية والعلوية، رأينا أن انشقاق القمر لا يعدو أن يكون حدثا من الأحداث التي تقع يوم القيامة..
للقمر، ولغيره من العوالم الأخرى.. كما يقول سبحانه عن القمر يوم القيامة.
{فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقول الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} (7- 10: القيامة) ولا نريد أن نطيل الوقوف هنا، ولا أن نجعل من هذا الأمر قضية للجدل والخلاف.. فإن الخطب هيّن، وإنه لن ينقص من قدر النبي الكريم، وقد كمل قدرا، وشرفا- ألا ينشق القمر له، كما أنه لن يزيد من قدره- وقد استوفى غاية الكمال والشرف- أن يضاف إليه انشقاق القمر، أو عشرات ومئات من مثل هذا الانشقاق..
وإنما الذي دعانا إلى هذه الوقفة، هو ما نجد من بعد بعيد بين مفهوم الآية الكريمة، واتساق هذا المفهوم مع موقع الآية في النظم القرآنى، ومع ما جاء من آيات الكتاب عن يوم القيامة، وما يقع فيه من أحداث- وبين هذا التخريج الذي خرّجت عليه الآية الكريمة، وتوارد عليه المفسرون، قولا واحدا، بأن القمر قد انشق للنبى، وهو في مكة، تحدّيا لتحدى قومه المكذبين به.. واللّه أعلم.
قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.
هو معطوف على قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} أي وإن ير هؤلاء المشركون آية يعرضوا عنها، ويقولوا سحر مستمر..
فهذه كلها أخبار عن حال واقعة، هي اقتراب الساعة، وانشقاق القمر، وإصرار المشركين على التكذيب برسول اللّه واتهامه بالسحر، كلما جاءهم بآية من آيات اللّه..
فقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} هو أسلوب خبرى، وإن جاء في صورة الشرط.. فهو إخبار عن مستقبل كثير من هؤلاء المشركين مع الدعوة الإسلامية، وأنهم سيظلّون على ما هم عليه من كفر وعناد، وأنه كلما تلا عليهم الرسول بعض آيات اللّه، لم يجدوا إلا قولا واحدا فيها، قد استقر عليه رأيهم، وهو أن هذا الكلام من واردات السحر، لما فيه من قوّى خفية، تكاد تملك وجودهم، وتستولى على مشاعرهم..
فقالوا: {إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ}.
وقالوا: {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} أي متصل، يشبه بعضه بعضا، ويلتقى لا حقه مع سابقه.. أو هو سحر مستمر، من المرّة وهى القوة، أي قوى محكم.. كما قال فرعون عن موسى وعصاه: {إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} (109: الأعراف)..
فالآية إخبار عن المستقبل، وأن كثيرا من هؤلاء المشركين، لن يؤمنون باللّه، بل يموتون على كفرهم، وأنهم كلما استمعوا إلى ما يتلو النبي من آيات اللّه، قالوا سحر مستمر.
هذا هو موقف المعاندين الضالين من المشركين، في الوقت الذي تطرقهم فيه الأنباء بأن يوم القيامة قد قرب، بل إن إرهاصاته قد أخذت تظهر في الوجود..
والآية التي يرونها، هي آيات اللّه التي تتلى عليهم، وعبر عن سماعها بالرؤية، إشارة إلى أنها من الوضوح، والبيان، بحيث تبدو كأنها حاضر شاخص يرى، لا حديث يسمع.
ويجوز أن تكون الآية هنا آية محسوسة، مما يقترحه المشركون على النبي، وقد أبى اللّه سبحانه وتعالى أن يجيبهم إلى ما سألوا، لأنهم لن يؤمنوا بأية آية تأتيهم، بعد أن كذبوا بآيات اللّه المتلوّة عليهم، والتي فيها الهدى لمن اهتدى، وفيها النور لمن فتح عينيه النور.. وفى هذا يقول اللّه تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقال الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (7: الأنعام). ويقول سبحانه: {وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بابًا مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} (15: الحجر)..
فهذه آيات محسوسة، لو طلعت عليهم ورأوها رأى العين، لأعرضوا عنها، وكذبوا بها، وقالوا سحر مستمر.
قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}.
الواو الحال، والجملة بعدها حال من الفاعل في قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا}.
أي أنهم يقفون هذا الموقف من آيات اللّه إذا تليت عليهم، والحال أنهم قد كذبوا بها من قبل واتبعوا أهواءهم.. فهذا الذي هم فيه حالا أو مستقبلا مع آيات اللّه، ليس جديدا عليهم، بل هو داء يعيش معهم إلى أن يجىء أجلهم.
وقوله تعالى: {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}.